نبذة عن الخوارزمي الخوارزمي عالِم مسلم وُلد عام 780م، اسمه هو محمد بن موسى الخوارزمي، وترجع أصوله إلى بلاد فارس. تَشعّبَت علومه ومعارفه في مجالات مُتعددة؛ منها: الفلك، والرياضيات، والجبر، وعلم الجغرافيا الذي اشتهر به في فترة الخلافة العباسية، وقد كان أحد الباحثين في ما يُعرف ببيت الحكمة في بغداد، وله الكثير من المساهمات العلمية خاصةً في مجال علم الجبر والرياضيات، حيث قدَّمَ للغرب ما يُعرف باسم الأرقام الهندية، كما أَدخل نظام العدّ العشري من خلال ترجمة العديد من أعماله اللاتينية التي تتحدث عن هذا الموضوع، وقد كان كتابه المختصر في حساب الجبر والمقابلة أول كتاب يتناول كيفية حل المعادلات الخطية والتربيعية باللغة العربية، وتمت ترجمة الكثير من أعماله إلى لغات أخرى.[١][٢] حياة الخوارزمي ولِد الخوارزمي لأسرة فارسية في مدينة خوارزم الموجودة ضمن إقليم خراسان الكبرى، ويُعتبر كتاب الفهرست للكاتب ابن نديم أحد الكتب التي تتناول سيرة حياة الخوارزمي بالإضافة إلى ذكر أعماله ومؤلفاته العلمية، وتُعتبر دار الحكمة الموجودة في بغداد في أيام خلافة المأمون المكان الذي شهد إنجاز أغلب الأعمال العلمية للخورازمي، وذلك خلال عقدين من الزمان وتحديداً في الأعوام الممتدة ما بين عامي 813م - 833م، ويجدر بالذكر أن دار الحكمة كانت تُعنى بترجمة العديد من الرسائل العلمية والفلسفية وخاصة تلك التي تعود لليونانيين القدماء.[١][٢] مساهمات الخوارزمي في الرياضيات وعلم الجبر تنوّعت المجالات التي يبرع فيها الخوارزمي؛ ففي الرياضيات استطاع وضع منهج لحل المعادلات الخطية والتربيعية وكانت أعماله أساساً لما يُعرف بعلم الجبر، ويُعتبر كتاب الجبر والمقابلة أحد أهم الكتب التي ألّفها في مجال الرياضيات، وقد تمت ترجمة هذا الكتاب إلى اللغة اللاتينية في القرن الثاني عشر مما أثر بشكل كبير في تقدُم علوم الرياضيات في دول أوروبا، وينسب للخوارزمي تأسيس ما يُعرف بالأرقام الهندية التي انتشرت في أنحاء الشرق الأوسط وأوروبا.[١][٢] يعتبر البعض الخورازمي سبباً من أسباب وجود ما يُعرف بعلوم الكمبيوتر؛ وذلك من خلال تطويره لما أصبح يُعرف في يومنا هذا بالخوارزميات التي سُمّيت بهذا الاسم نسبة إليه أو اللوغاريتمات (بالإنجليزية: algorithms)، وقد عمل الخوارزمي على حل المعادلات الخطية والتربيعية من خلال عامل مشترك يتم استخدامه في كلا طرفي المعادلة، ومن هذا الأمر أنتج ما يُعرف بعلم الجبر، وقدّمه إلى العالم من خلال كتابه (الجبر والمقابلة) الذي وضح فيه حلاً للعديد من المعادلات التربيعية باستخدام طريقة التحليل، كما قدّم في كتابه أمثلة عملية تناولت مواضيع الإرث وتقسيمه بطريقة رياضية، وقد تم استخدام الكلمات لتمثيل المُتغيرات في المعادلات.[٣][٤] في الجغرافيا لم تنحصر مساهمة الخوارزمي العلمية في مجال الرياضيات فقط، حيث ساهم بمجال علوم الجغرافيا من خلال العديد من الأمور، ومنها تأليف كتاب صور الأرض في العام 833م الذي بيّن من خلاله إحداثيات لمواقع كثيرة بلغ عددها 2,402 موقعاً، كما قسّمَ تلك المناطق إلى بحار، وجبال، وجزر، وأنهار، ومُدن، ومناطق، ثم فرز هذه الأماكن تبعاً للمناخ السائد فيها، كما صحّح عبر كتاب صور الأرض بعض الأمور الجغرافية التي تناولها العالم بطليموس، وذلك من خلال تقديم إحداثيات دقيقة لمناطق غرب آسيا وأكثر دقة من تلك التي قدّمها بطليموس، كما وضّح أن المحيطان الأطلسي والهندي غير محصورَين ببرّ خلافاً لما قدمه بطليموس الذي اعتبر أنهما عبارة عن بحار مُحاطة بيابسة، كما تضمن كتابه العديد من الخرائط المرسومة، وقد تمت ترجمة هذا الكتاب إلى العديد من اللغات، بالإضافة إلى أنّ الخوارزمي وبأمر من الخليفة المأمون بن هارون الرشيد عمل على قياس حجم ومحيط الكرة الأرضية، فضلاً عن رسم أول خريطة للعالم وبمساعدة سبعين عالماً جغرافياً آخر في عام 830م.[٥][٦][٧] في علم الفلك ساهم العالِم الخوارزمي في تقديم العديد من الأمور ضمن مجال العلوم الفلكية، حيث قدّم مجموعة متنوعة من الجداول الفلكية بالإضافة إلى جداول أخرى تحتوي على قيم لجيب الزاوية (Sin)، وتمت ترجمة العديد من أعماله إلى اللغة اللاتينية بواسطة أديلارد أوف باث وجيرارد دي كريمونا وذلك في أوائل القرن الثاني عشر، وقد أدت هذه الترجمة إلى إدخال علوم جديدة في العالم الغربي لم تكن معروفة آنذاك، كما قدّم الخوارزمي أطروحتين وبعض الأعمال الخاصة بجهاز الأسطرلاب؛ فتناولت بعض هذه الأعمال ما يُعرف بالساعة الشمسية، في حين تناول الجزء الآخر منها ما يُعرف بالتقويم اليهودي.[٨][٧] مساهمات أخرى هناك العديد من الأعمال الأخرى التي قدّمها الخوارزمي؛ كالمخطوطات التي تتحدث عن تحديد اتجاه القبلة، كتلك المخطوطة الموجودة في إسطنبول والتي تمّ ذكرها في كتاب (الفهرست) متحدّثةً عن الساعات الشمسية أو المزولة الشمسية، كما كتب الخوارزمي كتباً لم تُحفظ لغاية يومنا هذا ولكن ذكرها ابن النديم في كتابه؛ وهما: كتاب التاريخ، وكتاب المزولات، وقد تحدث كلا الكتابين المفقودين عن كيفية صنع واستخدام الجهاز الفلكي الأسطرلاب، كما تناول الخوارزمي في بعض أعماله كيفية تحديد معرفة ساعة الشروق في العديد من البلدان، وهناك العديد من المخطوطات المنتشرة في باريس، وإسطنبول، والقاهرة، وطشقند، والتي قد يكون بعض منها عائداً للعالم الخوارزمي.[٩] تأثير الخوارزمي على العلماء لم ينتهِ علم الخوارزمي وفضله بانتهاء أجله، فحتى بعد وفاته بقيت أعماله العلمية باقية وماثلة حتى يومنا هذا، ويُعد أحد أكثر الأشخاص الذين ساهموا بتطوّر علم الرياضيات بشكل عام والجبر بشكل خاص، وقد تأثر العديد من العلماء والفلاسفة الفارسيين بالأعمال العلمية التي قدّمها الخوارزمي، ومن بينهم الفارابي، والكِندي، وعمر الخيام، والبِيرُونِيّ، وابن سينا، والرازي، وابن رشد، ونصير الدين الطوسي وغيرهم الكثير، كما تناولت العديد من المناهج الدراسية المقررة حياة الخوارزمي وفضله في تطوير علوم الرياضيات والجبر، فأصبح أيقونة إلهام للطلاب يتم تحفيزهم من خلالها.[٦] وفاة الخوارزمي تُشير سجلات الطبري إلى أن الخليفة الواثق وعندما كان على فراش الموت في العام 847م جالسه بعض من علماء الفلك في ذلك الوقت، وتنبأ بعضهم له بأنه سيتعافى وسيستمر حكمه لمدة خمسين عاماً، لكن هذه التنبؤات لم تصدق ومات الخليفة بعدها بعشرة أيام فقط، ويُشير الطبري في تلك السجلات إلى أن الخوارزمي كان واحداً من علماء الفلك الذين أتوا لزيارة الخليفة، وفي حال كان الخوارزمي واحداً من هؤلاء فإن عمره قد بلغ السبعين تقريباً، فمعظم المصادر تُشير إلى أنّ وفاة محمد بن موسى الخوارزمي كان في العام 850م، وسيبقى أحد أهم الشخصيات العلمية التي مرّت عبر التاريخ الإسلامي.[١٠][٣]
إقرأ المزيد على
موقع عالم المعرفة للجوال
إقرأ المزيد على
موقع عالم المعرفة للجوال