قصة محمدٍ قبل البعثة وُلد الرسول
-صلّى الله عليه وسلّم- يتيماً، فقد مات والده وهو حمْلٌ في بطن أمه، وقد أشار القرآن الكريم إلى يُتمه بقول الله تعالى: (أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى)،[١] ثمّ ماتت عنه أمّه بعد ذلك وهو ابن ست سنواتٍ، وأمضى أول أربع سنواتٍ من عمره في صحراء بني سعد، فنشأ قوي البنيّة، صحيح اللسان، وعمل في المراحل الأولى من عمره في رعي الغنم، فكان يأخذ أغنام أهل مكة ويرعاها لهم مقابل أجرٍ محدّدٍ، ومن خلال هذه المهنة تربّى على معاني الصبر والتحمّل، والرحمة والتواضع، وغيرها من المعاني المهمة للداعية في حياته، ثمّ عمل بالتجارة في مرحلة الشباب مع عمه أبي طالب، فكان يشاركه في رحلاته التجارية إلى الشام وغيرها، فتعلّم فنون التجارة، وكسب ثقة الناس من خلال صدقه وأمانته معهم، وهكذا سمعت خديجة -رضي الله عنها- عنه، فعرضت عليه أن يشاركها ويستثمر في مالها فوافق، ولم تمضِ فترةٌ قصيرةٌ حتى تزوّجها وأنجب منها الذريّة، كما أنّه شارك في الدفاع عن مكّة وهو ابن أربعة عشر سنةً، وذلك حين أرادت هوازن استباحة الحرم، واقتصرت مشاركته حينها بجمع السهام لأعمامه.[٢][٣] وبقي النبي طيلة سنواته التي عاشها في مكة غير مطمئنٍ لعبادة الأصنام، ولا لحال قومه في العبادة والفجور وشرب الخمر، وسائر مظاهر الفسوق والضلال التي كانوا عليها، ممّا دفعه إلى اعتزال قومه، والخروج إلى غار حراء حتى يتعبّد لله تعالى، ويذكره، ويطلق فكره في الكون وأسراره، فكان يجلس في الغار ليالٍ طويلةٍ حتى تنتهي مؤنته من مأكلٍ ومشربٍ، فيعود إلى أهله حتى يتزوّد مجدّداً، ممّا ساعده على تحقيق صفاء روحه، وتعلّقه بربّه وخالقه، كما كان له حضورٌ في ندوات قريش، واجتماعاتها، فقد كان حاضراً في حلف الفضول، والذي اتفقت فيه مجموعةٌ من قبائل مكة على نصرة المظلوم وحمايته، كما كان له دورٌ مهمٌ في إعادة بناء الكعبة المشرّفة بعدما تهدّمت بسبب السيول والأمطار، حيث شارك في نقل الأحجار مع عمّه العباس، وحكم أيضاً بين قومه عندما اختلفوا فيمن يضع الحجر الأسود مكانه، فأشار إليهم بأن يبسطوا رداءً، ويضعوا الحجر الأسود فيه، ثمّ تحمله كلّ قبيلةٍ من إحدى زوايا،ه ويضع هو الحجر في مكانه، وهكذا كانت حياته قبل البعثة تؤكّد صدق نبوته، لما عُرف به من أنّه أحسن قومه خُلقاً.[٢][٣] قصة بعثة محمدٍ لمّا بلغ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- الأربعين من عمره، وبينما هو في غار حراء يتعبّد لله تعالى؛ إذ بعث الله جبريل -عليه السلام- إليه، فدخل إلى الرسول على هيئة رجلٍ، وقال له: اقرأ، مباشرةً دون أن يسلّم عليه، أو يعرّفه بنفسه، فبهت الرسول به، وقال له: ما أنا بقارئٍ، فقد كان الرسول أمّياً لا يقرأ ولا يكتب، حينها غطّه جبريل عليه السلام؛ أي احتضنه بقوةٍ شديدةٍ، وكرّر عليه القول: اقرأ، وأجابه الرسول بذات الإجابة، ثمّ أعاد جبريل القول له: اقرأ، وأعاد الرسول إجابته مرةً أخرى، حتى تلا عليه جبريل قول الله تعالى: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ*خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ*اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ*الَّذِي عَلَّمَ بِالقَلَمِ*عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ)،[٤] فكانت هذه الآيات هي أول ما نزل على الرسول، ثمّ عاد الرسول إلى بيته عند خديجة رضي الله عنها، فأخبرها بما حصل معه، فما كان منها إلّا أن طمأنته، وأخبرته بأنّ الله لا يُمكن أن يُخزيه، وهو صاحب الأخلاق الحميدة الفاضلة، والتعامل الحسن مع الناس.[٥][٦] ثمّ انطلقت خديجة -رضي الله عنها- مع النبي إلى ورقة بن نوفل، وكان رجلاً على ديانة السابقين، فقد تنصّر في الجاهلية، كما كان يعلم أن نبياً سيخرج في آخر الزمان، فلمّا سمع من الرسول ما حصل معه؛ أخبره أن من نزل عليه هو جبريل عليه السلام، وهو لا ينزل إلّا على الأنبياء؛ ممّا يعني أنّ محمداً سيكون نبياً لله عزّ وجلّ، زكان الرسول بعد ذلك يخرج إلى الجبل مراراً؛ علّه يلاقي ذلك الرجل الذي جاءه أول مرةً، حيث أراد أن يتيّقن من صحة ما أخبره به ورقة بن نوفل، إلّا أنّ الوحي قد فتر عنه بمشيئة الله -عزّ وجلّ- لفترةٍ معينةٍ، وبقي الأمر كذلك إلى أن جاءه الوحي مرةً أخرى بقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ*قُمْ فَأَنْذِرْ*وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ*وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ*وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ)[٧] فقام النبي بعدها بأمر ربه مبشّراً ومنذراً، فكان أول من أجابه من غير أهل بيته أبو بكر الصديق رضي الله عنه، ومكث الرسول يدعو الناس سرّاً إلى أن أمره الله -عزّ وجلّ- بالجهر بالدعوة، فلمّا جهر بها سخرت منه قريش، وأخذت في تكذيبه وإيذائه، إلى أن قيّض الله له الأنصار فهاجر إليهم في المدينة المنورة بعد ثلاثة عشر عاماً من بعثته.[٦][٥] محمدٌ بعد البعثة كانت حياة الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- حافلةً بالأحداث المهمة، منها حادثة الإسراء والمعراج التي كانت قبل الهجرة النبوية بثلاث سنواتٍ، وفي العام ذاته فرضت الصلاة، وفي السنة الأولى للهجرة كانت بداية تأسيس الدولة الإسلامية، وفيها فرضت الزكاة على المسلمين، وفي السنة الثانية للهجرة حصلت غزوة بدر التي أعزّ الله بها المسلمين، وفي السنة الثالثة كانت غزوة أحد التي هُزموا فيها المسلمين لمخالفتهم تعاليم الرسول، أمّا السنة الرابعة للهجرة فقد أجلى فيها الرسول يهود بني النضير عن المدينة؛ لما قاموا به من خيانة العهد مع المسلمين، وفي السنة الخامسة كانت غزوة بني المصطلق، وغزوة الأحزاب، وغزوة بني قريظة، أمّا صلح الحديبية فقد كان في السنة السادسة للهجرة، وهي ذات السنة التي حرّم الله فيها الخمر على المسلمين تحريماً قاطعاً، وفي السنة السابعة للهجرة كانت غزوة خيبر، كما اعتمر فيها الرسول وصحابته، ودخلوا مكة.[٨] وفي السنة الثامنة للهجرة كانت غزوة مؤتة بين المسلمين والروم، وكذلك فتح مكة وغزوة حنين ضد قبائل هوازن وثقيف، أمّا السنة التاسعة فقد شهدت آخر غزوات الرسول، وهي غزوة تبوك، وفيها كان عام الوفود الذي دخل فيه الناس أفواجاً إلى دين الله تعالى، وجاؤوا إلى رسول الله وفوداً، وكانت حجّة الوداع في السنة العاشرة للهجرة، حيث حجّ الرسول مع مئة ألفٍ من المسلمين، وكانت وفاة الرسول بعدها بعامٍ، في السنة الحادية عشرة للهجرة، حيث توفّي يوم الاثنين من شهر ربيع الأول، وكان عمره ثلاث وستون عاماً، قضى ثلاثةٍ وعشرين منها في النبوة والرسالة.[٨]#موقع عالم المعرفة للجوال