من الرسول محمد صلّى الله عليه وسلّم
هو خاتم الأنبياء والمرسلين محمد بن عبد الله بن عبد المطلب الهاشميّ القرشيّ، ولد في مكّة المكرّمة في عام الفيل؛ وهو العام الذي جاء فيه أبرهة الأشرم؛ لهدم الكعبة بالفيل، فأهلكه الله تعالى، ومن الجدير بالذكر أنّ محمداً -عليه الصّلاة والسّلام- ولد يتيم الأب، وماتت أمّه آمنة بنت وهب وهو في السادسة من عمره، فعاش -عليه الصّلاة والسّلام- يتيم الأب والأم، وبقي في رعاية جدّه عبد المطّلب، وانتقل إلى كفالة عمّه أبي طالب بعد وفاة جدّه عبد المطّلب، الذي أكرمه ورعاه ودافع عنه لأكثر من أربعين سنةً، وقد عمل رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في رعي الأغنام في طفولته، ثمّ عمل في التجارة أثناء الشباب، فكان يخرج إلى الشام متاجراً بأموال خديجة بنت خويلد رضي الله عنها، التي أُعجبت بصدقه وأمانته وأخلاقه الكريمة، فعرضت عليه الزواج، فتزوجها وهو في الخامسة والعشرين من عمره، ولم يتزوج غيرها إلى أن توفّيت رحمها الله تعالى، وتجدر الإشارة إلى أنّ أوّل نزولٍ للوحي على رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- كان في غار حراء، ومن ذلك اليوم بدأت دعوته للإسلام، فدعى الناس في مكّة ثلاثة عشر عاماً، كان يدعو خلالها إلى توحيد الله تعالى ونبذ عبادة الأصنام.ومن صفاته التي لاتحصي ولا تعد:-
[١] صفات الرسول الأخلاقيّة (الصدق):
لقد عُرف رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في قومه بالصادق الأمين؛ فقد كان أصدق الناس لساناً، وأكثرهم علماً وعملاً وإيماناً، وقد شهد له أعداؤه بذلك قبل أصحابه، كما حصل عندما ذهب أبو سفيان بن حرب للقاء هرقل، فدار بينهما حوارٌ تضمّن سؤال هرقل عن صفات رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، حيث قال لأبي سفيان: (هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟)، قال: (لا)، قال هرقل: (ما كان ليدع الكذب على الناس ويكذب على الله تعالى)، وروي عن المسور بن مخرمة، أنّه سأل خاله أبا جهل إن كانوا يتهمون محمداً -صلّى الله عليه وسلّم- بالكذب قبل أن يقول مقالته، فقال أبو جهل: (يا ابن أختي لقد كان محمد وهو شاب يدعى فينا الأمين، فلما وخطه الشيب لم يكن ليكذب)، وقد بيّن ابن القيم -رحمه الله- أنّ الأعداء المحاربين شهدوا بالصدق لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وأنّهم لم يجرّبوا عليه كذبةً واحدةً توضّح أنّه كان أصدق الناس لهجةً.- [٢] الأمانة :
كان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- معروفاً في مكّة المكرّمة بالأمانة من قبل الرسالة وبعدها، فقد كان كفار قريش يلقّبونه بالأمين، ففي أحد الأيام قبل بعثة النبيّ عليه الصّلاة والسّلام، وبينما كانت قبائل قريش تُعيد بناء الكعبة، اختلفوا على وضع الحجر الأسود في مكانه، حيث كانت كلّ قبيلةٍ تطمح في نيل ذلك الشرف، واحتدم الخلاف حتى كادوا يقتتلون، فكان رأي أحدهم أن ينتظروا أول من يدخل المسجد؛ ليحكم بينهم، فوافقوه الرأي وجلسوا ينتظرون أول من يأتي إليهم، فإذ برسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يدخل عليهم المسجد، فلما رأوه قالوا هذا الأمين، رضينا، هذا محمد، ثمّ قصّوا عليه الأمر، فطلب منهم أن يحضروا له ثوباً، ثمّ حكم بأن يوضع الحجر الأسود عليه وتمسك كلّ قبيلةٍ بطرف الثوب، ويُحمل الحجر إلى مكانه، ومن المواقف التي تدل على أمانته -عليه الصلاة والسلام- زواجه بخديجة -رضي الله عنها- بعد أن لمست صدقه، وعظيم أمانته من خلال تجارته بأموالها.
- [٣] الشجاعة
ضرب رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أروع الأمثلة في الشجاعة والإقدام، فقد كان يتصدّى للمصاعب والمواقف الحاسمة بقلبٍ ثابتٍ، وإيمانٍ راسخٍ، حتى أنّ جموع الكفر وقادتهم كانوا يفرّون من أمامه، وكان الصحابة -رضي الله عنهم- إذا اشتد القتال في المعارك يحتمون بالنبيّ عليه الصّلاة والسّلام، فقد كان علي -رضي الله عنه- يقول: (كنَّا إذا احْمَرَّ البأسُ، ولقيَ القومُ القومَ، اتَّقَينا برسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ، فما يَكونُ منَّا أحدٌ أدنا مِنَ القومِ منهُ)،[٤] وممّا يدلّ على شجاعة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وثبات قلبه، موقفه مع أبي بكر -رضي الله عنه- عندما حاصر كفار قريش الغار وكادوا أن يروهما، حيث قال لأبي بكر -رضي الله عنه- بيقينٍ وثباتٍ: (لا تحزن إن الله معنا)،[٥] وموقفه عندما كان نائماً في ظلّ شجرةٍ بعد إحد الغزوات، وقد علّق سيفه في غصن الشجرة، فجاء إليه أحد المشركين وأخذ سيفه، ثمّ قال من يمنعك مني، فردّ عليه رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بقوة قلبٍ وشجاعةٍ قلّ نظيرها، قائلاً: (الله)، فسقط السيف من يد المشرك، ثمّ قام النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- وأخذ السيف وهو جامدٌ في مكانه، وقال له: ( من يمنعك مني؟)، فقال المشرك للنبي عليه الصّلاة والسّلام: (كن خير آخذ).[٦][٧]
- [4]الكرم
كان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- مثالاً يقتدى به في الجود والكرم، فقد كان يعطي من غير أن يفكر للحظةٍ بالفقر، أو نقص المال؛ لأنّه كان موقناً بأنّ الرزق بيد الله عزّ وجلّ، وعلى ثقةٍ بفضله سبحانه وتعالى، وقد دلّ على ذلك قول أنس بن مالك رضي الله عنه: (ما سُئل رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على الإسلامِ شيئًا إلا أعطاه، قال: فجاءه رجلٌ فأعطاه غنمًا بين جبلَينِ، فرجع إلى قومِه، فقال: يا قومُ أسلِموا، فإنَّ محمدًا يعطي عطاءً لا يخشى الفاقةَ)،[٨] وروي أنّ امرأة أهدت رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- شملةً منسوجةً، فلبسها النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- وهو محتاج إليها، وبينما هو جالسٌ مع أصحابه رضي الله عنهم، رآها رجلٌ منهم، فقال: (يا رسولَ اللهِ، ما أحسنَ هذه، فاكسُنيها، فقال: نعم، وبعدما ذهب النبيّ عليه الصّلاة والسّلام، لامَه أصحابُه، قالوا: ما أحسنتَ حين رأيتَ النبيَّ -صلّى الله عليه وسلّم- أخذها محتاجًا إليها، ثمّ سألتَه إياها، وقد عرفتَ أنّه لا يُسألُ شيئًا فيمنعَه، فقال: رجوتُ بركتَها حين لبِسَها النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم، لعلي أُكفَّنُ فيها).[٩][١٠]
إقرأ المزيد على
موقع عالم المعرفة للجوال