الإسلام الإسلام هو المنهج الذي وضعه الله سبحانه وتعالى للناس كي يستقيموا عليه، وتكون حياتهم مبنيةً عليه، والذي بيَّنه رسوله -صلى الله عليه وسلّم- لهم، وإنّ للإسلام مجموعة من المبادئ والأُسس التي يجب على الإنسان حتى يكون مسلماً بحق الالتزام بها؛ ويُطلق على هذه المبادئ والأسس أركان الإسلام، وقد بيّنها رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في كثير من النّصوص والأحاديث الصّحيحة، وقد اتّفقت جميع المذاهب الإسلاميّة على هذه الأركان، فكلّ إنسان يؤمن بهذه الأركان يُعتبر مسلماً تامَّ الإسلام، ومن يكفر بأيّ ركنٍ من هذه الأركان فكأنما كفر بها جميعها.[١] تعريف الإسلام للإسلام معنيان لغوي واصطلاحي وفيما يلي بيان ذلك: تعريف الإسلام في اللغة مادة اشتقاق لفظ (الإسلام) هي: السين واللام والميم، يقول العلامة اللغويّ ابن فارس في مادة: "سلم:" السين واللام والميم، معظم بابه من الصحة والعافية، فالسلامة أن يسلم الإنسان من العاهة والأذى، وقد قال أهل العلم: الله جل ثناؤه هو السلام، لسلامته مما يلحق المخلوقين من العيب والنقص والفناء، والإسلام هو: الانقياد، لأنّه يسلم من الإباء والامتناع. يُستعمل الإسلام في لغة العرب متعدياً ولازماً: أما استعماله متعدياً فمثلاً: يُقال أسلم أمره إلى الله: أي سلّمه. أما عند استعماله لازماً فيكون معناه: الانقياد والدخول في السلم، أي الاستسلام، كما أنّ الإصباح هـو الدخول في الصباح، والإحرام هو الدخول في الحرمة، ومعنى الإسلام لازماً يرجع إلى معناه متعدياً، لأنّه من انقاد واستسلم للغير، فقد سلّم إليه نفسه، وألقى إليه بمقاليده.[٢] تعريف الإسلام اصطلاحاً الإسلام في الإصطلاح يجمع معنيين: الأول: الانقياد والاستسلام، أما الثاني: إخلاص ذلك وإفراده لله، وعنوانه قول: لا إله إلا الله. وللإسلام معنيان: الدين المشترك: وهو عبادة الله وحده لا شريك له، الذي بعث به جميع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام. ما اختص به نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم من الشرعة والمنهاج، وهو الشريعة والطريقة والحقيقة، وله مرتبتان: إحداهما: الظاهر من القول والعمل، وهو أركان الإسلام، والثانية: أن يكون ذلك الظاهر مطابقاً للباطن، يقول الراغب الأصفهاني: الإسلام في الشرع على ضربين: أحدهما: دون الإيمان، وهو الاعتراف باللسان، وله يُحقن الدم، حصل معه الاعتقاد أو لم يحصل، وإياه قصد بقوله تعالى: (قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا)[٣] والثاني: فوق الإيمان: وهو أن يكون مع الاعتراف اعتقاد بالقلب، ووفاء بالفعل، واستسلام لله في جميع ما قضى وقدّر، كما ذكر الله عن إبراهيم عليه السلام في قوله تعالى: (إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ)[٤] وقوله: (تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ)[٥] أي اجعلني ممن استسلم لرضاك.[٢] أركان الإسلام إنّ أركان الإسلام خمسة أركانٍ؛ قد ذكَرَها رسول الله -صلّى الله عليه وسلم- في الحديث النبويّ الذي يرويه عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- حيث قال: سمعت رسول الله يقول: (بُنِي الإسلامُ على خمسٍ: شَهادةِ أن لا إلهَ إلا اللهُ وأنَّ محمدًا رسولُ اللهِ، وإقامِ الصلاةِ، وإيتاءِ الزّكاةِ، والحجِّ، وصومِ رمضانَ)،[٦]والأركان الخمسة بالتّفصيل هي كما يأتي: الشّهادتان: كيفيّة الشّهادتَين أن يقول المرء: (أشْهَدُ أنْ لا إِلهَ إلّا اللهُ وأشْهَدُ أنّ محمّداً رسولُ اللهِ)، أمّا دليل كيفية الشّهادة فمأخوذٌ من قول الله سبحانه: (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).[٧] والدليل على قوله: (أنّ محمداً رسولُ اللهِ)؛ هو قول الله سبحانه: (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ).[٨] والمقصود بقول: (لا إلهَ إلّا الله): أي لا معبودَ بحقٍّ في الوجود إلا الله سُبحانه عزّ وجلّ وحدَه، وأنّه لا شريك له في مُلكه، فقد قال الله سبحانه: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ*إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ)؛[٩] فالمقصود بالشّهادتَين: هو أن يشهد المسلم أنّه لا معبود بحقٍّ سوى الله سبحانه، وأنّ محمّداً هو رسول الله وخاتم الأنبياء والمُرسَلين.[١٠] إقامة الصّلاة: تُعتبر الصلاة عمود الدّين، وهي أوّل ما يُحاسَب عليه المسلم يوم القيامة، فإذا صَلَحت الصلاة صَلح سائر العمل، والصّلاة أيضاً مناجاة بين العبد وربّه، والمقصود بركن إقامة الصلاة: أن يعتقد المسلم أنّ الله سبحانه قد أوجب على كل مسلم بالغٍ عاقلٍ مُكلّفٍ أن يؤدي خمس صلواتٍ في اليوم واللّيلة، يؤدّيها كلٌ في وقتها وهيئتها؛ وعلى طهارةٍ، والصّلوات المفروضة على المسلمين في اليوم والليلة خمس صلواتٍ، هي: صلاة الفجر، وصلاة الظّهر، وصلاة العصر، وصلاة المغرب، وصلاة العشاء.[١١] وقد ذكر أنّ الرّكن إقامة الصّلاة؛ لأنّ أداء الصّلاة فقط كهيئة لا يعني الإتيان بها على حقيقتها، فالصلاة تدعو إلى الأخلاقٌ والفضيلة، فكلّ من التزم بهذه الأخلاق بعد تأدية الصّلاة قد أقام الصّلاة، وأمّا من أدّاها دون الالتزام بأخلاقها فإنّه لا يكون مُقيماً لها،[١١] فقد قال الله سبحانه: (اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ).[١٢] إيتاء الزّكاة: تُعتبر الزّكاة حقّاً واجباً في المال بحالات خاصّةٍ وفي أوقات محددة، فالزكاة هي القدر الواجب إخراجه من المال البالغ للنصاب بشروط معينة ولأناس معيّنين، ويُطلَق لفظ الزّكاة على مقدار الحصّة المستخرَجة من المال المُزكّى به، فيُسمّى ذلك المال زكاةً،[١٣] وقد أوجب الله الزكاة في الأموال التي تنمو وتزيد وهذه الأموال هي: الأنعام، والذّهب والفضّة، والمزروعات من الثّمار والزّروع وغيرها، والعروض التجاريّة. ومصارف الزّكاة ثمانية؛ بيّنها الله سبحانه في كتابه العزيز بقوله: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)،[١٤] فمن صرفها في غير مصارِفها لم تُقبل منه، ولم تبرأ ذمّته منها، ويجب إخراج الزكاة فورَ وجوبها إذا بلغت النِّصاب، وحال عليها الحول وتوفّرت فيها الشروط الشرعيّة، ويجوز تأخير الزكاة للضّرورة، أمّا من امتنع عن أداء الزكاة فيُعزَّر، ويُجبَر على إخراجها.[١١] الصّيام: المقصود بالصّيام: الإمساك عن المُفطِرات جميعها؛ بقصد التقرّب إلى الله سبحانه، ويبدأ وقت الصيام عن المفطِرات من طلوع الفجر الصّادق إلى غروب الشّمس، ولا يُعدّ العبد صائماً في الحقيقة إلّا إذا أمسك عن أمرَين، هما: المفطِرات الحسيّة جميعها؛ من الأكل والشّرب، والأمور المُنقِصة لأجر الصّائم من الذّنوب؛ فلا يرتكب المعاصي والمُنكَرات، ولا يرفَثُ ولا يُخاصِم أحداً، ويجب الصّوم على كلّ مسلمٍ بالغٍ عاقلٍ مقيمٍ غير مسافرٍ.[١١] الحجّ: الحجّ ركنٌ يسقط عن العبد بأدائه مرّةً واحدةً في عمره، ويسقط أيضاً عن العبد إذا لم يستطع القيام به؛ بشرطَ أن يعتقد أنّ الحج واجب، ولا يمتنعَ عن أداء الحج إلّا لسبب يمنعه من القيام به، ومن لم يعتقد بوجوب الحجّ فهو كافر، أمّا حكم أدائه فهو واجبٌ على القادر عليه؛ سواءً من الناحية الماديّة أو الجسميّة، وذلك لقوله سبحانه عزّ وجلّ: (وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ)،[١٥] أمّا معنى الحجّ فهو قصد المسلم لبيت الله تعالى بصفةٍ مخصوصةٍ، في وقتٍ مخصوصٍ، بشروط وأركان وفروعٍ مخصوصةٍ.[١٦] خصائص الإسلام العامة للإسلام خصائص عامة تميّزه عن غيره منها:[١٧] الربانية: يتميّز الإسلام بأنه ربانيّ من جهتين؛ ربانيٌ في الغاية والوجهة، فغاية الإسلام حُسن صلة العبد بربه، ونيل العبد لمرضاة الله تعالى، وربانيٌ من جهة المصدر والمنهج؛ فمصدر الإسلام وتشريعاته هو الله سبحانه وتعالى. الإنسانية: فالإسلام يتميّز بوجود النزعة الإنسانيّة الواضحة في العبادات والمعتقدات والتوجيهات والتشريعات، فالله سبحانه وتعالى كرّم الإنسان وفضّله على كثير من المخلوقات، فالإسلام رباني المصدر، والإنسان هو الذي يفهم المصدر ويستنبط ويجتهد فيه، والإسلام يقوم على تحقيق الخير للإنسان وتكريمه وحمايته. الشمول: فالإسلام دينٌ شامل لجميع مناحي الحياة ومجالاتها وجوانبها، وشامل لحياة الفرد والأسرة والمجتمع، في كل زمان ومكان. الوسطية والتوازن: فالإسلام دينٌ متوازن خالٍ من الإفراط والتفريط، قائم على إعطاء كل ذي حق حقه. الواقعية: فالإسلام بتوجيهاته وتشريعاته راعى واقع الكون والحياة، وراعى واقع الإنسان بكل ظروفه، والإسلام واقعي في العبادات المطلوبة من المكلَّفِين، واقعي في المعتقدات. الوضوح: يتميّز الإسلام بوضوح الأصول والقواعد التي يقوم عليها، ووضوح الأخلاق ووضوح الشعائر التعبديّة. الجمع بين التطور والثبات: فالإسلام ثابت في أهدافه وغاياته، ومرنٌ في وسائله وأساليبه، ثابت في أصوله وكليّاته، ومرنٌ في فروعه وجزئياته، ثابت في قيمه الدينية والأخلاقية، ومرن في الشؤون الدنيوية والعلمية.
إقرأ المزيد على
موقع عالم المعرفة للجوال
إقرأ المزيد على
موقع عالم المعرفة للجوال