العشرة المُبشّرين بالجنّة
بَشّر رسول الله - عليه الصّلاة والسّلام - جماعةً من أصحابه بالجنّة، وكانت بِشارته لهم مبنيَّةً على أفعالٍ امتازوا بها عن غيرهم، وما وصلوا لذلك بيسير عملٍ أو بقليل جهد، ومع ذلك فإنّ الله عزّ وجل اصطفاهم لتلك البشارة لحكمةٍ يعلمها وحده جلّ وعَلَا، وقد جاء ذكر هؤلاء العشرة في نصِّ واحدٍ من حديث رسول الله - عليه الصّلاة والسّلام - فعن سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ - رضي الله عنه - قَالَ: (أشْهَدُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنِّي سَمِعْتُهُ وَهُوَ يَقُولُ: عَشْرَةٌ فِي الْجَنَّةِ: النَّبِيُّ فِي الْجَنَّةِ، وَأَبُو بَكْرٍ فِي الْجَنَّةِ، وَعُمَرُ فِي الْجَنَّةِ، وَعُثْمَانُ فِي الْجَنَّةِ، وَعَلِيٌّ فِي الْجَنَّةِ، وَطَلْحَةُ فِي الْجَنَّةِ، وَالزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ فِي الْجَنَّةِ، وَسَعْدُ بْنُ مَالِكٍ فِي الْجَنَّةِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فِي الْجَنَّةِ، وَلَوْ شِئْتُ لَسَمَّيْتُ الْعَاشِرَ, قَالَ: فَقَالُوا: مَنْ هُوَ؟ فَسَكَتَ, قَالَ: فَقَالُوا: مَنْ هُوَ؟ فَقَالَ: هُوَ سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ).[١] أبو بكر الصديق
اسمه ومولده: هو عبد الله بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مُرّة، ولد في مكّة سنة 573م بعد عام الفيل بسنتين وستّة أشهر، تقول السّيدة عائشة رضي الله عنها: (تذاكر رسول الله - عليه الصّلاة والسّلام - وأبو بكر رضي الله عنه ميلاديهما عندي، فكان رسول الله - عليه الصّلاة والسّلام - أكبر من أبي بكر رضي الله عنه بسنتين ونصف).[٢] خَلْقُه وخُلُقه: كان أبو بكر - رضي الله عنه - أبيضَ نحيفاً، خفيفَ العارِضين، حليماً حَييّاً صادقاً، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنه، قال: (ثلاثة من قريش أصْبَحُ قريش وُجوهاً، وأَحسَنُها أَحلاماً، وأَثبَتُها حَياءً، إِن حَدَّثوكَ لم يَكذِبوك، وإن حَدَّثتَهُم لم يُكَذِّبوك، أبو بكر الصديق، وأبو عبيدة بن الجراح، وعثمان بن عفان).[٢] منزلته في الإسلام: هو صاحب رسول الله - عليه الصّلاة والسّلام - وخليفته، كان - رضي الله عنه - من رؤساء قريش في الجاهليّة وأشرافهم وأهل مُشاورتهم، وكان مُحَبّباً فيهم، فلما جاء الإسلام آثره على ما سواه ودخل فيه أحسن دخول، وقد أسلم على يده عددٌ كبيرٌ من الصّحابة منهم خمسة من العشرة المُبشّرين بالجنّة،[٣] لقَّبَه رسول الله - عليه الصّلاة والسّلام - بالعَتيقِ لحُسْنِ وَجهِه، وكان عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه يحلف بالله أنّ الله عزّ وجلّ أنزل اسم أبي بكر من السّماء (الصِّديق)، وقال رسول الله - عليه الصّلاة والسّلام - ليلة أُسرِي به لجبريل: (إنّ قومي لا يُصدّقوني، فقال له جبريل: يُصدّقك أبو بكر وهو الصِّديق)،[٤] وهو أول من خاصم عن رسول الله عليه الصّلاة والسّلام.[٥] وفاته: تُوفّي - رحمه الله ورضي عنه - في جُمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة من الهجرة ليلة الثّلاثاء، وقيل: يوم الإثنين، وكانت خلافته سنتين ونصف تقريباً، وقد غسَّلَتهُ زوجته أسماء بنت عميس، بوصيته إليها، دُفِنَ مع رسول الله عند رَأسِه، ورأسُه بين كَتِفَي رسول الله عليه الصّلاة والسّلام.
- [٢] عمر بن الخطاب
اسمه ونَسَبُه وإسلامه: هو عمر بن الخطاب بن نُفَيل بن عبد العُزّى بن رباح بن عبد الله بن قُرط بن رزاح بن عدي بن كعب القُرَشي العَدَوي، أمّه: حنتمة بنت هاشم بن المُغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم، أسلم سنة ستّ من النبّوة وقيل سنة خمس،[٦] ويروي ابن عمر أنّ النّبي - عليه الصّلاة والسّلام - قال: (اللّهم أعزّ الإسلام بأحبّ الرّجلين إليك بعمر بن الخطاب أو بأبي جهل بن هشام)،[٧] فكان أحَبَّهُما إليه عمر بن الخطاب رضي الله عنه. صِفتُه ومولده واستشهاده: عمر بن الخطّاب - رضي الله عنه - هو أوّلُ من لُقِّبَ بأمير المُؤمنين، بَلَغَ في الشَّجاعة، والحَزم، والعَدل، والعِبادة، والعِلم، مَبلغاً عَظيماً، فُتِحَت في عَهده الفتوحات، وانتشر الإسلام، كان مولده بمَكّة المُكرّمة قبل الهجرة بأربعين سنةً، استُشهِد في المَدينة سنة ثلاثةٍ وعشرين للهجرة، حيث قتله أبو لؤلؤة المجوسيّ وهو يؤمّ في النّاس لصلاة الفجر.[٨]
- [3]عثمان بن عفان
اسمُه ونَسَبُه: هو أَبُو عبد الله وأبو ليلى عُثْمَان بن عَفَّان بن أبي الْعَاصِ بن أُميَّة بن عبد شمس بن عبد منَاف بن قُصيّ الْأمَوِي يلتقي مَعَ النَّبِي فِي عبد منَاف، لُقِّب بذِي النّورين لِأَنَّهُ تزوج ابنَتي النَّبِي رُقيّة ثمَّ أم كُلْثُوم رَضِي الله عَنْهُمَا، ومن ألقابه كذلك المُستَحي والمُستَحيا، كَانَ جميلاً طَوِيل اللِّحْيَة حسن الْوَجْه.[٩] مولده وصِفَتُه ووفاته: ولد عثمان - رضي الله عنه - بمَكّة، وكان من أوائل من أسلم، وهو ثالث الخُلفاء الرّاشدين، كان كريماً جواداً، جمع القرآن في عهده، قُتِلَ ظُلماً صَبيحة عيد الأضحى وهو يَقرأُ القرآن في بيته بالمدينة سنة خمسة وثلاثين للهجرة،[١٠] وقيل: استُشهِد يوم الجمعة في السّابع عشر من ذي الحجّة سنة خمسٍ وثلاثين للهجرة بالمدينة المُنوّرة، وكان عمره حينها ثمانية وسبعين سنة.[١١]
- [4]عليّ بن أبي طالب
هو عليّ بن أبي طالب بن عبد الله بن هاشم القرشي الهاشمي، ابن عمِّ رسول الله - عليه الصّلاة والسّلام - وأوَّلُ النّاس إسلاماً، وُلِدَ قَبلَ البِعثة بعشر سنين على الصّحيح، تربّى في حِجر النّبي - عليه الصّلاة والسّلام - ولم يُفارقه، زوَّجَهُ النبي ابنتَهُ فاطمة، وكان اللّواء بيده في أكثر المعارك، ولما آخى النّبي عليه الصّلاة والسّلام بين أصحابه قال له: (أنت أخي)، كان أحد رجال الشّورى الذين نَصَّ عليهم عمر بن الخطّاب،[١٢] قُتِل في ليلة السَّابع عشر من شهر رمضان من سنة أربعين للهجرة.[١٣]
- [5]الزّبير بن العوّام
هو الزُّبير بن العوَّام بن خويلد بن أسد بن عبد العزَّى بن قصيٍّ، أبو عبد الله الأسديُّ، يلتقي مع رسول الله - عليه الصّلاة والسّلام - في قُصيٍّ، قال عنه النبيُّ - عليه الصّلاة والسّلام -: (إنَّ لكلِّ نبيٍّ حواريًا، وحوارييَّ الزُّبير)،[١٤] كان ممّن شهدوا بدراً، وقد شهد له النبيُّ - عليه الصّلاة والسّلام - بالشّهادة وهو حيٌّ؛ فقال حين كان على جبل حِراءٍ فتحرَّك: (اسكن حراء؛ فما عليك إلَّا نبيٌّ، أو صدِّيقٌ، أو شهيدٌ، وعليه النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وأبو بكرٍ وعمرُ وعثمانُ وعليُّ وطلحةُ والزّبيرُ وسعدُ بنُ أبي وقاصٍ رضيَ اللهُ عنهم).[١٥] فضائلُهُ ومناقبه كثيرةٌ، ماتَ شَهيداً مَغدوراً به من الخوارج سنة ستٍّ وثلاثين للهجرة، وكان عمره حينها سبعٌ وستُّون سنة.[١٦]
- [6] طلحة بن عبيد الله
هو طلحة بن عُبّيد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مُرّة بن كعب بن لؤي القُرشيّ التيميّ المكيّ المدنيّ، يلتقي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلّم- في مُرّة، وأمّه الصّعبة بنت الحضرميّ، كان وجهه أبيضَ حسناً كثير الشّعر، أقرب إلى القِصَر، رَحْب الصّدر، بعيد ما بين المنكبين، ضخم القدمين،[١٧] استُشهِد يوم الجمل سنة ستّ وثلاثين هجريّة وهو ابن ثلاث وستين سنة.[١٨]
- [7]سعد بن أبي وقاص
- اسمه ونَسَبُه: هو سعد بن أبي وقّاص بن مالك بن وهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب، كان سابع سبعة في إسلامه، وهو أحد الذّين جعل عمر- رضي الله عنه - فيهم الشّورى ليَخلفوه بعد وفاته، وكان مُجاب الدّعوة؛ لأنّ النبي عليه الصّلاة والسّلام قال: (اللهم سدّد رميته، وأجب دعوته)،[١٩] وهو أوّل من رمى بسهم في سبيل الله. وفاته: تُوفّي - رحمه الله - في قصره بالعقيق على بُعد عشرة أميال من المدينة وحُمِلَ إليها على رقاب الرّجال، ودُفن بالبقيع، وكانت وفاته سنة خمس وخمسين للهجرة وكان عمره حينها سبعاً وسبعين سنة.[٢٠]
- [8]أبو عبيدة بن الجرّاح اسمه:
أبو عبيدة عامر بن الجرّاح بن هلال بن أهيب بن مُنبّه بن الحارث بن فهر بن مالك بن النّضر، أسلم مع عثمان بن مظعون وهاجر إلى الحبشة في الهجرة الثّانية، وشهد بدراً والمشاهد كلّها، وثبت مع رسول الله - عليه الصّلاة والسّلام - يوم أُحُد ونزع يومها بفمه الحلقتين اللّتين دخلتا وجنتا رسول الله فوقعت ثنيتاه.[٢١] صفته: كان طويلاً نحيفاً أجنَى، معروقَ الوجه، أثرم الثّنيتين، خفيف اللّحية، وكان له من الولد يزيد وعُمَير فماتا ولم يبق له عَقِب، قال عمر بن الخطاب: (لو أدركني أَجَلي وأبو عبيدة حيّ استخلفته، فإن سألني الله عزّ وجلّ لِمَ استخلفته على أُمّة محمد؟ قلت: إنّي سمعت رسول الله - عليه الصّلاة والسّلام - يقول: (انّ لكلّ نبيّ أميناً، وأميني أبو عبيدة)).[٢٢] ومن مناقبه أنّه قَتَل أباه عبد الله بن الجرّاح يوم بدر غيرةً على الدّين، تُوفّي في طاعون عمواس بالأردن وقبره فيها، وذلك سنة ثمانِ عشرة للهجرة في خلافة عمر، وكان عُمُره حينها ثمانٍ وخمسين سنة.[٢١]
- [9]عبد الرّحمن بن عوف
اسمه ونَسَبُه: هو أبو محمد عبد الرّحمن بن عوف بن عبد عوف بن عبد الحارث بن زهرة بن كلاب بن مُرّة بن كعب بن لؤي، كان اسمه في الجاهليّة عبد عمرو وقيل عبد الحارث وقيل عبد الكعبة، فَسَمّاه رسول الله - عليه الصّلاة والسّلام - عبد الرحمن، أُمُّه الشِّفاء بنت عوف، أسلم عبد الرّحمن قبل أن يدخُل رسول الله - عليه الصّلاة والسّلام - دار الأرقم وهاجر إلى أرض الحبشة الهجرتين، وكان ممّن ثبتوا مع رسول الله - عليه الصّلاة والسّلام - يوم أُحُد، وقد صلّى الرّسول - عليه الصّلاة والسّلام - خَلفَه في غزوة تبوك حيث إنّه - عليه الصّلاة والسّلام - ذهب للطَّهارة فجاء وقد افتتح عبد الرّحمن بالصّلاة فصلّى خلفه وأتَمَّ الذي فاته، [٢٣] وقال: (ما قُبِضَ نَبيٌّ قَط حتّى يُصَلّيَ خلف رجلٍ صالحٍ من أُمَّتِه).[٢٤] صفته: كان عبد الرّحمن - رضي الله عنه - طويلَ القامة، أبيضَ رقيق البشرة مُشرَّباً بحُمرَة، ضخم الكفّين أقنى، وكان ساقط الثّنيتين أعرج حيث إنّه أُصيب يوم أُحُد.[٢٣] أمواله، صدَقَتُه، زُهده ووفاته: كان عبد الرّحمن بن عوف من أثرى أثرياء المدينة، وحدث أنّه باع أرضاً له بأربعين ألف دينار فَقَسَّم ذلك المال في بني زهرة وفقراء المسلمين وأُمّهات المُؤمنين، وقيل أنَّه تَصدَّق في عهد رسول الله - عليه الصّلاة والسّلام - بشطر ماله حيث بلغ أربعة آلاف دينار، ثم تَصدَّق بأربعين ألفاً، ثم تصدَّق بأربعين ألف دينارٍ أُخرى، ثم حمَّل على خمسمائة فرس في سبيل الله تعالى، ثم حمَّل على ألفٍ وخمسمائة راحلةٍ في سبيل الله تعالى، وكان عامَّةُ ماله من التّجارة، وقيل أنّه أعتق ثلاثين ألف بيت، وكان من شدّة تواضُعِه لا يُعرَفُ من بين عَبيده. تُوفّي - رحمه الله - سنة اثنتين وثلاثين للهجرة، ودُفِنَ بالبقيع وهو ابن اثنتين وسبعين سنةً ويُقال خمس وسبعين.[٢٣]
- [10]سعيد بن زيد
اسمه ونَسَبُه وصِفته ووفاته: هو أبو الأعور سعيد بن زيد بن عمرو بن نُفَيل بن العُزّى بن رباح بن عبد الله بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي، أمُّه فاطمة بنت بعجة بن أُميّة، أسلم قبل أن يدخل رسول الله - عليه الصّلاة والسّلام - دار الأرقم، وكان آدَمَ طويلاً أشعرَ، تُوفّي - رحمه الله بالعقيق، وحُمِل إلى المدينة فدُفِنَ بها، وكان ذلك في سنة خمسين أو إحدى وخمسين للهجرة، وكان عُمُرهُ يوم مات بضعٌ وسبعين سنة.[٢٣]
إقرأ المزيد على
موقع عالم المعرفة للجوال